عامَان عَلى الإِبادَة: ثَمَّةَ رَماد، وَثَمَّة أَشياءُ لَمْ تَنْكَسِر

كلمة العدد | تشرين الأوّل 2025

عامان مَرّا، ولا يَزال الجَرحُ نازفًا. الصُوَر التي خِفنا أَن تألَفَها العَين تتجدّد كلّ صباح: رُكام يَأكل مَلامِح المُدن، بيوت تُهدم للمرّة الثّالثة والرّابعة، وجوهُ صغارِ تبحَث عن ظلٍّ يؤويها، وأمّهات يدفِنَّ أبناءَهنّ ويدفِنَّ معهم جزءًا مِن المَعنى. عامان والعالَم يَزِنُ الدّم الفلسطيني بميزان السّياسة والمَصالح، فتتّسع الهوّة بين عدالةٍ تُرفع في الشّعارات وواقعٍ يزداد قتامَة.

لكنْ ثمّة ما لَم ينكَسِر: إِرادَة الناس، وذاكرةٌ تُصرّ على التّوثيق، وأسئلةٌ عن المُمكِن بَعدَ هذا الخَراب كلّه. كَيف تَغيّرت حياتنا اليوميّة؟ ماذا فَعَلَت الحَرب بالمِخيال الجَمعيّ، باللغة، بالعَلاقات، بالمَدرسة والشارع والسوق؟ وكيف نُعيدُ تَعريف "الأمن" و"الإعمار" حين لا تُبنى فقط حِجارة، بل تُرمَّم أرواحٌ ومساراتُ عَيش؟

في سين48 لا نَكتَفي بعدّ الخَسائِر. نكتُب كَي لا يتحوّل الاعتياد إلى قَدَر، ونَفتح هذا الملفّ - عامان على الحرب - لنَقرأَ أَثَرَها على الناس والأرض والوَعي. سنَستَعيد الشَّهادات، ونفكّك الخِطاب، ونتتبّع التحوّلات الصَّغيرة التي تَصنَع الفارِق.

نَدعوكم إلى قراءةٍ متأنّية تُصغي لما بَين السّطور، وإلى مشارَكَة ما لديكم من قِصَص وأسئلة واقتراحات. لعلّ ما نكتبه اليوم يَكون خطوةً أُخرى في طَريقٍ طَويل: طَريقِ تَسمِية الأشياء بأسمائها، والمطالبةِ بحقٍّ لا يَسقط بالتّقادم، وصناعة مستقبلٍ يليقُ بمن دفعوا أثمانًا لا تُحتمل.

تابعونا