التّضامُن مَعَ فِلِسطين: مِنَ "الروزنامة" إِلى المَيادين

كلمة العدد | تشرين الثاني 2025

في التاسع والعشرين من تشرين الثاني مِن كلّ عام، يَقِف العالَم دقيقةً أَمام مِرآتِه، يُسمّى ذلك اليوم.... اليومَ العالميّ للتضامن مع الشعب الفلسطيني، لكنّ فلسطين ليست يومًا واحدًا في الروزنامة، بل حضورٌ يوميّ في الضّمير الإنسانيّ، في النّشرات التي تُخفي أكثر ممّا تُظهر، وفي البيوت التي تُبنى وتُهدم وتُبنى مِن جديد بالإصرار نفسه.

بالرَّغم من إنجازِنا هذا العدد في الهدنةِ الحالية، لكنّ الذاكرة مثقلةٌ، بمَشاهدٍ لا تَغيب: أطفالٌ يُلَوّحون للسّماء لا للكاميرا، وأُمّهات يعلّمن أبناءَهنّ كيف يُحبّون رغم الحِصار، وأصواتٌ تتردّد في المخيّمات والجامِعات والعَواصم: "لن نَنسى". التضامن هُنا ليس بيانًا أو منشورًا، بل فعلُ تواصُلٍ إنسانيّ، ترجمةٌ لوعيٍ بأنّ العدالة لا تُجزَّأ، وأنّ الصّمتَ أمام الظّلم تواطؤٌ آخر.

كَيف يُمكِن أَن نَتَضامن حقًّا؟
أن نُعيد تَعريف المَوقف لا كشعورٍ عابر، بل كمسؤوليّةٍ تُمارَس: في الإعلام، في الجامعة، في الشّارع، في اللغة التي نختارها حين نروي القصّة. أن نَكسِر التّعوّد، ونُبقي المعنى حيّاً وسط الضجيج.

في هذا العَدد مِن سين48، نَفتَح ملفّ التضامن مع فلسطين؛ نقرَأ تجارِب الأفراد والمجموعات، نتتبّع أَثَر الحَملات والمبادَرات، ونُصغي إلى أصواتٍ تُذكّرنا بأنّ التضامن ليس منّةً بل انتماء، وأنّ العدالة لا تُستعاد إلا بتواصُلٍ يتخطّى الحُدود والجغرافيا.

نكتب لنُبقي الباب مفتوحًا أمام الأسئلة:
كيف نحمي سرديّتنا من التّزييف؟ كيف نُحيل الوجع إلى طاقةٍ تُغيّر لا إلى حكايةٍ تُروى فحسب؟ وكيف نَصنَع، من داخل هذا الظَّرف المأساويّ، معنى جديدًا للمسؤوليّة المشترَكة؟

ندعوكم إلى قراءةٍ تُنصِت قَبل أن تَحكم، وإلى مشاركةٍ لا تَنتهي بانتهاء العَدد. فلعلّ الكتابة، مرّةً أخرى، تكون شكلًا آخر من أَشكال التضامن.

تابعونا.