الاقتِصاد الفِلِسطينيّ: هذا ما فَعَلَتهُ الحَرب

سَجّل الاقتصاد الفلسطيني خلال العام 2024 انكماشًا بمعدّل 26.6%، حَسب تقارير سُلطة النّقد الفلسطينية، حيث انخفض الناتِج المحلي إلى 11 مليار دولار مقارنة بناتج محليّ تجاوَز قليلًا حاجِز الـ 15 مليار دولار عام 2023 (15.6 مليار دولار عام 2022).
لَم يَكن الانكِماش متوازيًا عند المقارنة بينَ الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث انكمَش الاقتصاد في الضفة الغربية بنسبة 17% ليُلامس حاجز 10.6 مليار دولار (12.75 مليار دولار عام 2023)، أمّا في قطاع غزة فقد انكمَش بشَكل شبه كامل تَجاوز 86% وكان الناتج المَحلي 0.4 مليار دولار (2.85 مليار دولار عام 2023).
مِنَ البديهيّ أن يَنعكس ذلك سلبًا على نَصيب أو حصّة المواطن الفلسطيني من الناتِج المَحلي (Per Capita Income) الذي تراجَع بنسبة 27.8% عن العام 2023 ليتهاوى إلى 2087 دولارًا أمريكيًا للفَرد سنويًّا بعدما سجل دَخل الفرد 2،891 دولارًا في العام 2023. مَرّة أُخرى، كان نصيب الفرد من الناتج الإجمالي في الضفة الغربية 3،528 دولارًا مقارنة بـ 161 دولارًا للفرد في قطاع غزة. وهذا ما يَعكِس حجم الهَجمة الهمجية الإسرائيلية ضدّ كلّ ما هو فلسطيني مِن بشر وحجر ومقومات اقتصادية.
تَزامَن التّراجع الاقتصادي الفلسطيني مع الإجراءات العِقابية الإسرائيلية التي تمثّلت بِزيادة عدد الحَواجز العسكريّة حَول المدن والقرى في الضفة الغربية، ومَنْع عشرات آلاف العُمال من التوجّه إلى أعمالهم داخل "الخط الأخضر"، مما أدى إلى تفاقم معدَّلات البَطالة التي سجّلت أرقامًا قياسيّة وصلت إلى 47.9% في العام 2024 بزيادة 17.5% عن العام 2023 حين كانت مستَوَيات البَطالة في حدود 30.4%. أمّا في ما يتعلّق بتَقسيم هذه النسب فـتتكرر "القِصّة" نفسها، حيث ارتفعَت معدلات البَطالة في الضفة الغربية في العام 2024 إلى 31.5% من 17% في العام 2023، أمّا قطاع غزة فقد ارتفعت إلى 78.3% خلال العام 2024 مقارنة بـ 52.9% في نهاية العام 2023.
وضع السيولة والتسهيلات المصرفية لدى البنوك العاملة في فلسطين
الوَدائع لدى البنوك العامِلة في فلسطين:
تمكّن القطاع المصرفي خلال العام 2024 من زيادة إجماليّ الودائع، المصرفيّة وغير المصرفيّة/ ودائِع العملاء، بنحو %7.5 عمّا كانت عليه في العام السابِق، لتصل إلى نَحو 20 مليار دولار. شكّلت الودائع المصرفية -أَي ودائع سُلطة النقد والمَصارف- ما نسبته %6.0 فقط من هذا الإجماليّ، أو ما يعادِل %4.9 من إجماليّ المَطلوبات، وبقيمة 1.2 مليار دولار، مسجِّلة ارتفاعًا بنحو 21.6% مقارنة مع العام 2023. ويَرتبط جزء من هذا الارتفاع بهيكليّة هذه الودائع، إذ تستحوِذ عملة الشيكل على نحو %64 منها.
أمّا الودائع غير المصرفيّة؛ أَي ودائع العملاء التي تشكِّل المكون الأكبر والأهم، سواء على مستوى إجماليّ الودائع، %94.0، أو إجماليّ المَطلوبات 76%، فقد ارتفعت خلال العام 2024 بنحو 6.7% لتصل إلى نحو 18.8 مليار دولار. وحَسب تقارير سلطة النقد فإن إجماليّ الوَدائع ارتفع إلى 21 مليار دولار كما في 30 حزيران عام 2025.
من المهمّ أن نَعرف توزيع هذه الوَدائع بين المكوّنات التشغيلية، والتي تؤثّر بصورة كبيرة على:
نسبة الفائدة التي تَدفعها البنوك للمودِعين على هذه الأرصدة.
نسبة المَخاطر التي تُشكّلها على موازَنات البنك: فكلّما كانت الودائع قصيرة الأجل كلّما زادت المَخاطر على السّيولة في حال طالب المودعون باسترداد أموالهم، فقَد يكون البنك أقرَضَها بتسهيلات طَويلة الأجل مما يشكّل فجوة تمويليّة. Funding or Liquidity Gap.
بحسب المعلومات التي نَشَرَتها سلطة النقد في تقريرها السنويّ لعام 2024 فقد تقسَّمت الودائع على النحو الآتي:
41.1% ودائع جارِية – يَعني قصيرة الأمد ولا يَجني صاحب الوديعة أيّ فائدة من البنوك.
33.4% حسابات توفير – قصيرة إلى متوسّطة الأمد وقد تَحصل على فوائد بَسيطة للغاية.
25.5% ودائع لأجل – قد تكون غالبية هذه الودائع لفترة 6 أشهر أو سنة ويدفع البنك فائدة عليها.
أمّا المكوِّنات الجغرافية لودائع العملاء كَما في 31 كانون الثاني 2025 فكانت نسبة مودِعي الضفة الغربية 82.1% تجاوزت ودائعهم 15.4 مليار دولار، أما ودائع القطاع فبلغَت 17.9% من إجماليّ الودائع متجاوزة للمرة الأولى حاجز الـ 3.4 مليار دولار ومسجِّلة ارتفاعًا بنسبة 65% عن الودائع في نهاية العام 2023 (بحدود 2 مليار دولار). ويعزى هذا الارتفاع إلى تَأمين الودائع؛ حيث دمَّرت إسرائيل البيوت، فأصبح البنك هو المكان الآمن، بالإضافة إلى انعدام الأمن والخوف من السَرقات.
المحفظة الائتمانية لدى البنوك العاملة في فلسطين:
تُعتَبَر التّسهيلات المصرفية أحَد أهمّ عوامل التنمية الاقتصادية، فهي قد تُستخدم في بناء المَصانع وتنمية الزراعة وبناء الفنادق السياحية والاستثمار في البنية التحتيّة. نتيجةَ الوضع السياسي والاقتصادي السيء الناجِم عن همجية الاحتلال، والتضييق على عمليات الاستيراد والتصدير، وإقامة الحواجز بين مناطق السلطة، فقد تراجَعَ حجم التسهيلات كما في 31 كانون الأول عام 2024 بنحو 3% عن رصيد التسهيلات للعام 2023 مسجلًا 11.9 مليار دولار؛ أَي نحو 63.6% من مجموع الودائع في ذلك التاريخ. ومَرّة أخرى، كان النصيب الأكبر من هذه التسهيلات لصالح الضفة الغربية حيث بَلَغت قيمة التسهيلات 11.0 مليار دولار شكَّلت 92.1% من المحفَظة الائتمانية، بينما انخفضت قيمة القروض الممنوحة في قطاع غزة إلى 0.9 مليار دولار شكَّلت 7.9% من المحفَظة الائتمانية. كما يَجب توضيح أن نسبة التسهيلات من الودائع في الضفة الغربية كانت 71.3%، بينما كانت هذه النسبة 28.2% في قطاع غزة..
وقد كان توزيع محفَظة التسهيلات على القطاعات الاقتصادية كما في الجدول أدناه:
توزيع المحفظة الائتمانية المجمعة للبنوك العاملة في فلسطين | ||
كما في 31 كانون اول 2024 | ||
% | دولار أمريكي | القطاع |
23.60 | 2,819.4 | القطاع العام |
23.51 | 2,808.8 | القطاع العقاري |
5.54 | 662.2 | الصناعة |
16.16 | 1,930.2 | التجارة العامة |
1.49 | 178.1 | الزراعة |
8.96 | 1,070.6 | الخدمات المالية |
11.7 | 1,397.3 | القروض الاستهلاكية |
3.44 | 410.9 | قروض سيارات |
5.61 | 669.8 | أخرى |
100 | 11,947.3 | المجموع |
أخيرًا، نبيّن في الجَدول أَدناه معدّل الفوائد التي منحتها البنوك على الإيداعات لأَجَل، وكذلك معدل الفائدة التي تقاضتها البنوك على مختلف التسهيلات المقدَّمة للمقترِضين:
متوسط معدلات فائدة الإيداع والإقراض بالعملات كافة عام 2024 | |||||
الشيكل الإسرائيلي | الدولار الأمريكي | الدينار الأردني | |||
فائدة الإقراض | فائدة الإيداع لأجل | فائدة الإقراض | فائدة الإيداع لأجل | فائدة الإقراض | فائدة الإيداع لأجل |
|
|
|
|
|
|
6.43 | 2.79 | 6.10 | 2.90 | 6.07 | 2.67 |
